قانونيون ومختصون يحلّلون الظاهرة
أعادت قضية الفتاة "ليديا" من ولاية البويرة التي قضت حتفها على يد والدتها، والتي تبين فيما بعد أنها كانت تحت تّأثير مسّ من الجن إلى الأذهان قضية الطفلة سندس والتي قتلتها زوجة عمها، وقتلت قبلها شقيقها إسلام، إلا أنها بُرّئت في قضية هذا الأخير، بعد أن نسب الجرم إلى قوى خارجية من عالم الجن حسب تقدير مختصين في هذا العالم الغامض، فهل يمكن أن ينادي القاضي يوما على جني ليحاكمه في قضية قتل، وهل يعتبر اتهام الجن قضية مؤسسة قانونيا، وهل يمكن فعلا أن يرتكب الجنّي جريمة قتل في عالم الإنس...
عدنا إلى أهم قضايا القتل التي كان المتهم فيها من عالم الجن بعد أن تلبس جسم إنسان، وجعله يرتكب أفظع وأبشع جرائم القتل ليزج به في غياهب السجن لسنوات طويلة في بعض القضايا، فيما التمست العدالة البراءة للبعض الآخر بداعي الإصابة بأمراض عقلية وانفصام في الشخصية وغيرها ...
ليديا...والدتها تقتلها بأمر من خادم سحر مهمته تصفية بناتها
أثارت حادثة مقتل الطفلة ليديا البالغة من العمر 15 سنة رعب العائلات الجزائرية التي لم تصدق أن تقدم والدة على قتل فلذة كبدها بكل برودة أعصاب، لتشاع أخبار أنها مصابة بمس من الجن، وأفادت مصادر موثوقة أنها كانت تتحدث داخل الزنزانة في مركز الشرطة قائلة "قلتلي اقتليها، راني قتلتها خلاص.."، كما أنه عند رقيتها نطق جني ليقول إنه خادم سحر مأمور مهمته قتل جميع بناتها، وفي انتظار محاكمتها أحيلت على سجن النساء بسور الغزلان .
"إسلام"...العدالة تتهم الجن وتبرئ زوجة عمه
"الطفل إسلام"....شقيق سندس الطفلة التي قتلت على يد زوجة عمها، وهو الضحية الأولى الذي وجد ميتا تحت النافذة، وتعود تفاصيل القضية إلى جوان، حيث أرضعت الأم رضيعها حتى نام وتركته نائما بمفرده في الغرفة لتسمع صوته وهو يبكي ويصرخ وحينما هرعت للغرفة ذهلت بسماعها صوت رضيعها دون أن تراه، وجابت العائلة كل أرجاء المنزل ومحيطه بحثا عن الرضيع الذي يسمع صراخه ولا يرى في موقف رهيب، جعل العائلة تخمن أن الأمر يعود إلى الجن، الذي يسكن فيلا مهجورة مجاورة لهم، وبعد إبلاغ مصالح الدرك التي بحثت في كل أرجاء المكان وفي الفيلا وبقية الضواحي، لتجلب العائلة راقيا وبمجرد تلاوته لآيات من الذكر الحكيم دخلت زوجة العم في هستيريا، حيث بدأت ترتجف بشكل غريب، مخبرة إياهم أنها ترى شيخا يحمل إسلام لترشدهم إلى مكان تواجد الرضيع تحت نافذة المطبخ وأغمي عليها مباشرة، وفعلا عثر على الرضيع جثة هامدة مزرق الجسم وقد غطاه النمل، بالرغم من أن المكان فتش مسبقا، وحامت الشكوك حول زوجة عمه إلا أنها بُرئت أمام العدالة، ونسبت الجريمة إلى عالم الجن.
قوى خارجية تأمره بقتل شخص يجلس في المقهىعالجت محكمة الشراقة قضية قتل راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر، لا ذنب له حسب وقائع القضية سوى أن القاتل لم يستسغه، وأمرته قوى خارجية بتصفيته مباشرة وهو يجلس في المقهى، حيث أجاب المتهم على سؤال القاضي حول دوافع ارتكابه الجريمة قائلا "حاجة في راسي قالتلي اقتلو"، وانطلقت التأويلات حول إمكانية إصابة المتهم بمس من الجن خاصة وأن المحيطين به أكدوا أنه سبق وأن أصيب بذلك، ليعين له خبير عقلي يكشف عن إصابته بمرض انفصام الشخصية، ويأمر القاضي بإخضاعه للعلاج في مستشفى الأمراض العقلية بدل إحالته على السجن.
"القانون لا يعترف بالعالم اللامحسوس"
أكد المحامي حسان ابراهمي أن القانون لا يعترف بالعالم غير المحسوس، بل بالعالم المعروف من خلال معطياته، مضيفا أن معظم الجناة ينسبون أفعالهم إلى أرواح خارجة عن نطاقهم، حيث يقف الكثيرون أمام القاضي ويقولون إنهم لم يكونوا في حالتهم الطبيعية أثناء ارتكابهم للجريمة، بل يذهب الكثيرون أحيانا إلى أبعد من ذلك حينما يصرحون أن قوة خارجة عن نطاقهم أمرتهم بارتكاب الجرم، وهي تكون في كثير من الأحيان مجرد ذرائع للتنصل من مسؤولية ارتكابهم للجريمة، وأحيانا أخرى نتيجة عدم إدراكهم لمشاكل عقلية يتخبطون فيها وينسبونها لعالم الجن.
وقال "ابراهمي" إن القاضي في حال شك في القدرات العقلية للشخص الجاني يقوم بتعيين خبير طبي في الأمراض العقلية، يمكن أن يتكون من مجموعة من الخبراء في عدد من المستشفيات، للتأكد من السلامة العقلية للجاني وقت ارتكاب الجريمة، موضحا أنه في حال ثبت أن هذا الأخير يعاني من مرض عقلي بنسبة 100 من المائة أو اضطرابات نفسية أو عقلية، فإن الجاني يستفيد من التحويل إلى مستشفى الأمراض العقلية.
وقال المتحدث ذاته إنه لم يسبق اعتماد خبير في الروحانيات وعالم الجن أبدا سواء في القوانين الجزائرية أو القوانين العالمية، مؤكدا أنه في الشق القانوني لا تهم الدوافع والذرائع بل وحده الفعل المجرم هو ما يؤخذ بعين الاعتبار.
"الجن يمكن أن يزهق أرواحا تنفيذا لأوامر المشعوذ"
كشف الشيخ كمال بعزيز إمام بمسجد بالكاليتوس أن الجن يمكن أن يتلبس بالإنسان تلبسا شديدا، حيث يتمركز بالجهاز العصبي، وهذا بعد أن يصاب الإنسان بالمس، وهذا يكون نتيجة الابتعاد عن الطاعات وعدم التحصن بالأذكار، وقد يخرج الإنسان المسكون بالجن عن سيطرته بقوى عجيبة، حيث يستطيع فعل أشياء تكون عادة خوارق بقوة الجن.
وأكد الإمام أن الله سبحانه وتعالى خلق الجن قبل الإنس، وأن أرواح الجن خفيفة لا ترى بالعين المجردة، حيث خلقهم الله تعالى من نار السموم، مضيفا أن الجن موجود في كل مكان، لذا أمرنا الله تعالى بالتحصن منه بالأذكار والمحافظة على العبادات والطاعات.
وقال الشيخ "بعزيز" إن الجن الذي يتلبس الإنسان ويمكنه أن يتحكم في تصرفاته هو غالبا خادم سحر يكون مأمورا من طرف المشعوذ، وقد يصل إلى غاية إزهاق روح تنفيذا لأوامره، وفي حالة اللاوعي يرتكب هذه الجرائم، موضحا أن المجرم في هذه الحالة يعتبر مرفوعا عنه القلم وهو غير محاسب على فعله ولكنه يحاسب لعدم اتخاذه الأسباب التي تمنع حدوث هذا الشيء كالتحصن والتمسك بالعبادات.
النفسانيون يستطيعون التفريق بين المريض النفسي والروحاني
أكدت سليمة موهوب مختصة نفسانية أن نحو 80 من المائة ممن يتوهمون إصابتهم بمرض روحاني هم مضطربون نفسيا، وأن 90 من المائة من المختصين النفسانيين بإمكانهم التفريق بين المريض النفسي والروحاني، بالرغم من أن الأمر يعد صعبا بعض الشيء، حيث لا يتم اكتشافه من الجلسة الأولى، بل يجب إخضاعه لعدة جلسات علاج، حيث لا تكفي المحاورة والمحادثة وحدها بل عديد الطرق العلمية.
وأوضحت سليمة موهوب أنهم كعلميين لا يمكن أن يرفضوا وجود أمراض روحانية، كاشفة عن تشابه وتداخل الأعراض لدى المصابين بالمس والسحر والعين والمضطربين نفسيا، حيث أن 80 من المائة ممن يفسرون أمراضهم بالغيبيات يعانون اضطرابات نفسية وليست روحانية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق